الجزارة الدولية لتقسيم السودان

الجزارة الدولية لتقسيم السودان

الأخبار

السبت، يناير ١٦، ٢٠١٠

خطاب فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد؛
أيها السادة الأعزاء.. الإخوة الكرام والأخوات الفضليات..
أحييكم بتحية الإسلام العظيم فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
شاءت إرادة الله عز وجل أن أتحمل هذه المسئولية الجسيمة، على غير تطلع مني، ولا تميز أو فضل لي؛ لكنه تقدير الله والتكليف الذي لا أملك معه غير النزول عنده، مستعينًا بالله، ومستلهمًا منه التوفيق، وواثقًا من معونتكم ومساندتكم؛ لتحقيق الأهداف السامية التي نذرنا أنفسنا وجهودنا لأجلها ابتغاء فضل الله ورضوانه.

الإخوة الكرام.. والأخوات الفضليات..
- في بداية حديثي أتوجه إلى أستاذنا وأخينا الكبير ومرشدنا الكريم الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد السابع للجماعة الذي قاد السفينة وسط العواصف والأنواء، وتجاوز بها العقبات، ثم قدَّم هذا النموذج الفريد لكل القادة والمسئولين في الحكومات والهيئات والأحزاب بالوفاء بعهده، وتسليم القيادة بعد فترة واحدة، فتعجز كل كلمات اللغة عن التعبير عما في صدورنا من حب وتقدير لهذا المرشد، ولا نملك إلا أن نقول: جزاك الله خيرًا وأثابك بفضله ثواب الصديقين..
- ونقول لإخواننا الأحبة من الإخوان المسلمين المنتشرين في أرجاء الدنيا؛ كم كنا نتمنى أن يتم هذا الحدث الكبير وأنتم بيننا ومعنا، ولكن إن غابت الأجساد فالأرواح تتلاقى، ودعواتكم تحملها الملائكة ونصائحكم واقتراحاتكم ننتظرها ونسعد بها.
- وأما الأحبة الذين غيَّبتهم يد الظلم والاستبداد خلف الأسوار بغير حق إلا أنهم قالوا ربنا الله، وسعوا في إعزاز وطنهم وتقدم أمتهم؛ فإننا نقدم لهم خالص التحية على صبرهم وثباتهم وتضحياتهم التي نثق أنها لن تذهب هدرًا، ولن تضيع سدى، ورجاؤنا في الله كبير أن يفيء الظالمون لرشدهم، ويعودوا لصوابهم، ونراكم معنا تكملون المسيرة وتدعمون الدعوة، والله يحفظكم ويرعاكم.

الإخوة الكرام.. والأخوات الفضليات..
تعلمون جميعًا أن هدف الإخوان الأسمى هو الإصلاح الشامل الكامل، الذي يتناول الأوضاع الحالية بالإصلاح والتغيير ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ﴾ (هود: من الآية 88)، وبالتعاون مع كل قوى الأمة المخلصة، وأصحاب الهمم العالية من المحبين لدينهم ولأمتهم.

ويعتقد الإخوان المسلمون أن الإسلام العظيم قد وضع الله فيه كل الأصول اللازمة لحياة الأمم ونهضتها وإسعادها؛ ولهذا جعلوا الإسلام مرجعيتهم ومنطلقهم نحو تحقيق الإصلاح، الذي يبدأ من نفوس الأفراد، فيتناولها بالتهذيب والتربية، مرورًا بالأسر والمجتمعات بتقويتها ورفع المظالم عنها، وجهادًا متواصلاً لتحرير الوطن من كل سلطان أجنبي وهيمنة فكرية وروحية وثقافية واستعمار عسكري واقتصادي وسياسي، ووصولاً إلى قيادة الأمة إلى التقدم والازدهار، وأخذ موقعها المناسب في الدنيا، وقد كان من نتائج هذا الفهم الشامل للإسلام أن وصف الإخوان بأنهم دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية، والقرآن العظيم ينطق بذلك كله في قوله تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ (القصص: من الآية 77)، وهم يدركون أن القرآن الكريم والسنة الصحيحة قد تضمنا القواعد الكلية في سائر الشئون، وبقي على الأمة أن تتلمس الأصلح لها في ضوء هذه القواعد من البدائل المختلفة والخيارات الفقهية التي تتغير بتغير العرف والعادات والزمان والمكان.الإخوة الكرام.. والأخوات الفضليات..

مع وضوح فكرتنا ومقاصدنا وأهدافنا؛ فإن كثيرين يحاولون تعريفنا بغير ما نحن عليه، وينسبون إلينا ما ليس من أهدافنا ومقاصدنا، ما يفرض علينا أن نكرر بين الحين والآخر تعريف الناس بنا وبمبادئنا وثوابتنا ومواقفنا من القضايا المطروحة، حتى يستبين الحق للجميع.

وأقول في البداية للذين يتحدثون عن وحدة الجماعة وتماسك صفها: إن الذين يعملون لربهم ولدينهم ولأوطانهم بإخلاص لا يمكن إلا أن يكونوا صفًّا واحدًا، وإن تنوعت آراؤهم، وتفاوتت بعض اجتهاداتهم، ولا يعرف الإخوان على حقيقتهم من يتصور أن اختلاف الرأي بينهم يمكن أن يفسد الود، أو يؤثر في صدق الحب، وقد عاهدنا وبايعنا جميعًا ربنا عزَّ وجلَّ أن نعمل في سبيله صفًّا كالبنيان المرصوص.

ويعمل الإخوان بالحب والأخوة طبقًا لأعراف مستقرة ولوائح وقواعد منظمة لعمل الجماعة، وهذه بالضرورة محل مراجعة وتطوير مستمر لاستدراك الأخطاء البشرية والقصور الإنساني، في مرونة لا تناقض الثوابت، ولا تنقض المبادئ، والإخوان في هذا الصدد يقبلون النصيحة، ويستفيدون الحكمة من الجميع وشعارهم "رحم الله امرءًا أهدى إليَّ عيوبي".

الإخوة الكرام.. والأخوات الفضليات..
أحب أن أؤكد لحضراتكم على ما يلي:
- نحن جماعة من المسلمين ولسنا جماعة المسلمين، كما يروج الذين لا يعرفون دعوة الإخوان، فالإسلام أكبر من أن تحتكره جماعة، وبفضل الله سبحانه وتعالى تلقى دعوة الإخوان تعاطفًا شعبيًّا واسعًا في كل بلدان العالم العربي والإسلامي؛ لأنها دعوة وسطية تستقي من النبع الصافي القرآن والسنة.
- إن دعوتنا وحركتنا سلسلة متصلة الحلقات، يُبنى فيها اللاحق على جهود السابق وشعارنا ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ (الحشر: من الآية10).
- إننا نؤمن بالتدرج في الإصلاح، وأن ذلك لا يتم إلا بأسلوب سلمي ونضال دستوري قائم على الإقناع والحوار وعدم الإكراه؛ ولذلك نرفض العنف وندينه بكل أشكاله؛ سواءٌ من جانب الحكومات أو من جانب الأفراد، أو الجماعات أو المؤسسات.
- يرى الإخوان المسلمون أن نظام الحكم يجب أن يحافظ على الحريات الشخصية والشورى (أو الديمقراطية) واستمداد شرعية السلطة من الأمة وتحديد السلطات والفصل بينها وهم لا يعدلون بذلك بديلاً، ومن هذا المنطلق فهم يشاركون في الانتخابات العامة، ويطالبون بإصلاح الحكم من خلال الوسائل السلمية المتاحة، ومنها العمل البرلماني، والأهلي، ويعتبرون ذلك واجبًا يمليه عليهم فهمهم لدينهم وإخلاصهم لوطنهم.
- أما موقفنا من الأنظمة القائمة في بلادنا؛ فنحن نؤكد أن الإخوان لم يكونوا في يوم من الأيام خصومًا لها، وإن كان بعضها دائم التضييق عليهم والمصادرة لأموالهم وأرزاقهم والاعتقال المستمر لأفرادهم؛ لكن الإخوان لا يترددون أبدًا في الكشف عن الفساد في كل المجالات، ولا يتأخرون في توجيه النصائح وتقديم المقترحات للخروج من الأزمات المتلاحقة التي تتعرَّض لها بلادنا، ويربون أبناء وبنات الأمة على الأخلاق والفضائل والنفع للغير، وهذا كله يصب في مصلحة الوطن والمواطنين ومؤسسات الدولة.
- ويرى الإخوان أن الأصل في موقفهم من الأنظمة، أنهم يؤيدون الحسن ويعارضون السيئ، ومن ثم فإنهم حينما يعارضون لا يعارضون لمجرد المعارضة.
- أما إخواننا المسيحيون في مصر والعالم العربي والإسلامي؛ فموقفنا منهم واضح تمام الوضوح فهم شركاؤنا في الوطن وبناء حضارته، وزملاؤنا في الدفاع عنه، ورفقاؤنا في تنميته والنهوض به، والبر بهم والتعاون معهم فريضة إسلامية ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)﴾ (الممتحنة).
- ويرى الإخوان أن المواطنة أساسها المشاركة الكاملة والمساواة في الحقوق والواجبات، مع بقاء المسائل الخاصة (كالأحوال الشخصية) لكل حسب شرعته ومنهاجه.
- وبهذه المناسبة؛ فالإخوان يرفضون ويدينون بكل قوة كافة أشكال العنف الطائفي الذي يحصل بين الحين والآخر، ولا يترددون في إعلان موقفهم الرافض لهذه الحوادث المؤلمة في كل وقت، فالنصارى يمثلون مع المسلمين نسيجًا اجتماعيًّا وثقافيًّا وحضاريًّا واحدًا تداخلت خيوطه وتآلفت ألوانه وتماسكت عناصره عبر القرون والأجيال، كما أنهم يدعون إلى بحث أسباب التوتر الكامن بصراحة كاملة، ووضع الحلول التي تزيل كل الحساسيات، وتعيد إلى الجسد الوطني صحته وعافيته.
- وفيما يتصل بالمرأة؛ فالإخوان قد بيَّنوا قبل ذلك في وثيقة المرأة كافة حقوقها في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي "إنما النساء شقائق الرجال"، ونحن ندعو المرأة المسلمة لأن تقوم بدورها العام ولا تغيب عن المجتمع ولا عن القضايا العامة لمصلحة شعوبنا العربية والإسلامية.
- إن الشورى (أو الديمقراطية) هي وسليتنا الأساسية التي نجاهد لإقرارها وتدعيمها، وكل مؤسسات الجماعة يتم بناؤها على أساس من هذه الممارسة؛ بدءًا من مجالس إدارات الشعب، حتى مكتب الإرشاد العام، وينبه الإخوان أن الشورى في جوهرها تعني احترام الرأي الآخر، ثم الالتزام برأي الأغلبية.
- أما القوى الإسلامية والقومية والوطنية والأحزاب السياسية والنخب الفكرية والثقافية؛ فالإخوان يؤمنون تمامًا أن الجميع لا بد أن يكونوا شركاء في النهضة والإصلاح وهم يمدون أيديهم للجميع، ويرفضون إقصاء أحد أو استثناء أية هيئة أو تهميش أي دور، ويقبلون بتعدد الأحزاب، ووجوب إطلاق تكوينها بلا قيود ما دامت في إطار الدستور، ويؤمنون بتداول السلطة عن طريق الانتخابات الحرة النزيهة، فالأمة مصدر السلطة، وإصلاحها مسئوليتنا جميعًا بلا إقصاء ولا استثناء.
- يضع الإخوان المسلمون قضية فلسطين في أولويات اهتمامهم ويرونها قضية الأمة الكبرى، وأن أرض فلسطين بمقدساتها والمسجد الأقصى في القلب منها هي أرض العروبة والإسلام، ولا يدخرون جهدًا في الدفع بهذه القضية؛ لتكون في صدارة اهتمام الأنظمة والشعوب حتى تتحرر فلسطين ويتحقق الأمل بإذن الله.
- يقف الإخوان المسلمون دائمًا إلى جانب أمتهم الإسلامية والعربية، داعمين لقضاياها ومساندين لمواقفها العادلة، ولا يترددون في تقديم النصح لكافة الأنظمة والهيئات الإسلامية والعربية على المستوى الرسمي والشعبي، ولا يمتنعون من التضحية في سبيل أمتهم متى اقتضى الواجب ذلك، ويحملون دعوة الوحدة والتقارب والتعاون بين الدول الإسلامية والعربية لمقاومة مشروعات الاستعمار والهيمنة الصهيونية والغربية، والدعوة إلى لم الشمل وتوحيد الصف وحل الخلافات العربية والإسلامية داخل الدول، وفيما بينها عن طريق الحوار لا عن طريق السلاح، وهنا نذكر إخواننا في اليمن والسودان والصومال والعراق ولبنان وأفغانستان وباكستان بأن الطريق لسلامة وأمن شعوبهم لا يكون إلا عن طريق الحوار والتوافق لما فيه مصلحة هذه الشعوب العزيزة.
- وموقفنا من النظام العالمي الذي تقوده أمريكا والغرب واضح جلي، فنحن لسنا في خصومة مع الشعوب الغربية، ولكن خصومتنا مع هذه النظم العالمية التي ارتضت لشعوبها الحرية والديمقراطية، واستكثرت ذلك على شعوبنا، واستغلت قوتها المادية لفرض سيطرتها على بلادنا وعلى قرارنا، وزرعت ورعت الكيان الصهيوني ليكون شوكة في جسد الأمة العربية والإسلامية، وتتعامل مع قضايانا العادلة بمكيالين، وتسعى لإلغاء قيمنا وثقافتنا وهويتنا الإسلامية لحساب قيمها الغربية، وتسعى لتدمير الإيمان والأخلاق في بلادنا، ومن هنا فنحن ندعو الأمة للتوحد في مواجهة المشروع الصهيوني الأمريكي، والتعالي على كل الخلافات المذهبية، والتسامي عن التمسك بالنعرات العصبية، وعدم السماح مطلقًا بضرب أو احتلال أية دولة عربية أو إسلامية، وتفعيل مواثيق منظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية، وتفعيل معاهدات الدفاع المشترك في مواجهة قوى البغي والطغيان العالمي.
- ونحن ندعو هذه النظم العالمية لأن تلتزم بميزان العدل والحق، وبسط قيم الحرية والعدالة في أرجاء الأرض فذلك هو الكفيل بإحلال السلام العالمي وتحقيق التعاون بين شعوب الأرض "كُلُّكُمْ بَنُو آدَمَ، وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ" (البزار)، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (الحجرات: من الآية 13) فَلَيْسَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ فَضْلٌ، وَلا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ فَضْلٌ، وَلا لأَسْوَدَ عَلَى أَبْيَضٍ وَلا لأَبْيَضَ عَلَى أَسْوَدَ فَضْلٌ إِلا بِالتَّقْوَى" (الطبراني).

الإخوة الكرام.. والأخوات الفضليات..
إننا ننظر إلى المستقبل بأمل وترقب..
إن الأمل هو شعار المؤمنين الصادقين، وهو زادنا في مسيرتنا الطويلة الممتدة فالعمل مع الأمل.. والحب مع الإخاء هما وسيلتا الإخوان لمواجهة الصعاب، وأن اليأس ليس من صفات المؤمنين، ولأن القعود ليس من شيم المجاهدين.

وأما الترقب فإنه يجمعنا مع كل المصريين والعرب والمسلمين، بل الإنسانية جمعاء من أجل مستقبل أفضل للعالم الذي تهدده النزاعات والأوبئة والأمراض، ويشفق عليه العلماء من الاحتباس الحراري والتصحر والجفاف، وتقوده إلى مصير مجهول ممارسات خاطئة للقوى الكبرى التي أرادت الانفراد بمقود البشرية، بعد أن ظنت أن الأرض قد دانت لها بغياب أقطاب أخرى، فإذا بالنتيجة بحور من الدماء والأشلاء في أنحاء متفرقة من العالم الإسلامي في أفغانستان والعراق والسودان والصومال وفلسطين ولبنان، وأزمات اقتصادية كلما أوشكت إحداها على الانتهاء أخذت بخناقها أخرى؛ ليعيش الناس في قلق بالغ وتوتر شديد على مستقبلهم ومستقبل أولادهم، ويشعرون أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن هناك من يختلق الأزمات.

الإخوة الكرام.. والأخوات الفضليات..
إن مصر والعرب والمسلمين بل والناس أجمعين لينتظرون منكم الكثير والكثير وأنتم- بإذن الله- أهل لتلك المهمة الثقيلة، وقادرون على حمل تلك التبعة الخطيرة، وتاريخكم يشهد لكم بالصبر والاحتمال، والعمل والإنتاج، رغم ما يُثار حولكم من شبهات ورغم ما حدث من هنات وأخطاء.

قدموا للعالم الإسلام الحقيقي.. إسلام الاعتدال والتسامح، إسلام احترام التعددية في العالم أجمع.. إسلام التعارف والتعاون على خير البشرية أجمع.

اسلكوا كل طريق، واستخدموا كل الوسائل والوسائط المشروعة لنشر دعوة الإسلام في العالمين.. جاهدوا الجهاد الحق ﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ (الفرقان: من الآية 52) جهاد الدعوة والبيان.. بالقلم واللسان.. وبكل أنواع الفن الهادف ووسائله النظيفة.. بكل طريق لتوضيح حقائق الإسلام ورد الشبهات عنه، وشعاركم في ذلك قول الحق: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (النحل: من الآية 125) وقوله تعالى: ﴿وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ (العنكبوت: من الآية 46).

ربوا أنفسكم على الفضائل والكمالات.. والخلق القويم، وكونوا شامة بين الناس، تدلونهم على الله عزَّ وجلَّ بالقدوة الحسنة والسلوك المستقيم، وساهموا مع غيركم في إصلاح النفوس وتهذيب الأخلاق.

وتعاونوا مع كل العاملين للإسلام على البر والتقوى، بل تعاونوا مع كل المؤمنين في العالم أجمع من أجل نصرة الحق ورد الباطل وحماية الإيمان ومحاربة الكفر والإلحاد.

أصلحوا أنفسكم وبيوتكم، وسارعوا في الخيرات لإصلاح المجتمعات، وقفوا بجوار المظلومين في كل مكان لرد الحقوق المغتصبة ورد المظالم عن الناس.

أقبلوا على القرآن العظيم والسنة النبوية المشرفة وسيرة النبي الأمين وسير العظماء والمصلحين، تدارسوها واستفيدوا منها وصححوا مسيرتكم باستمرار، واعملوا فإن الله ينظر إلى أعمالكم ولا ينظر إلى صوركم. وترقبوا نصر الله، وما هو ببعيد: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)﴾ (الروم) ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)﴾ (التوبة) صدق الله العظيم
﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (21)﴾ (يوسف).

بطاقة تعارف بالمرشد العام الثامن للإخوان المسلمين


الاسم: محمد بديع عبد المجيد سامي.
محل الميلاد: 7/8/1943م- المحلة الكبرى.
الحالة الاجتماعية: زوج السيدة سمية الشناوي مديرة سابقة لمدرسة الدعوة الإسلامية ببني سويف- كريمة الحاج محمد علي الشناوي (ضابط طيار) من الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين والذي حُكم عليه بالإعدام عام 1954م وخُفِّف للمؤبد.

الأبناء: 3 هم: عمَّار (مهندس كمبيوتر)، بلال (طبيب أشعة)، ضحى (صيدلانية)، والأحفاد 4 هم: رؤى وحبيب وإياد وتميم.

الشهادات:
- بكالوريوس طب بيطري- القاهرة سنة 1965م.
- معيد بكلية طب بيطري- أسيوط 1965م.
- ماجستير طب بيطري ومدرس مساعد 1977م من جامعة الزقازيق.
- دكتوراه طب بيطري ومدرس سنة 1979م من جامعة الزقازيق.
- أستاذ مساعد طب بيطري 1983م- جامعة الزقازيق.
- خبير بالمعهد البيطري بصنعاء82- 86م.
- أستاذ طب بيطري 1987م جامعة القاهرة- فرع بني سويف.
- رئيس قسم الباثولوجيا بكلية طب بيطري بني سويف سنة 1990م لدورتين.
- وكيل كلية الطب البيطري بني سويف لشئون الدراسات العليا سنة 1993م لدورة واحدة.
- أشرف على 15 رسالة ماجستير و12 رسالة دكتوراه، وعشرات الأبحاث العلمية في مجال تخصصه.

العمل الحالي:
- أستاذ متفرغ بقسم الباثولوجيا بكلية الطب البيطري- جامعة بني سويف.

النشاط النقابي:
- أمين عام النقابة العامة للأطباء البيطريين لدورتين.
- أمين صندوق اتحاد نقابات المهن الطبية لدورة واحدة.

النشاط الاجتماعي والعلمي:
- عضو مجلس إدارة جمعية الرعاية الإسلامية بالمحلة الكبرى.
- عضو مجلس إدارة نادي أعضاء هيئة التدريس جامعة القاهرة 10 سنوات، ومشرفًا على فرع النادى ببني سويف.
- نائب ثم رئيس مجلس إدارة جمعية الدعوة الإسلامية ببني سويف 1996م.
- رئيس مجلس إدارة جمعية إسكان أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بجامعة بني سويف.
- رئيس مجلس إدارة جمعية الباثولوجيا والباثولوجيا الإكلينيكية على مستوى الجمهورية.
- رئيس هيئة مجلة البحوث الطبية البيطرية لكلية طب بيطري- بني سويف لمدة 9 سنوات.
- رئيس مجلس إدارة مركز خدمة البيئة بكلية طب بيطري- بني سويف.
- القيام بإنشاء المعهد البيطري العالي بالجمهورية العربية اليمنية صنعاء لمدة 4 سنوات خلال الإعارة من 1982- 1986م، وإنشاء المزرعة الداجنة والحيوانية الخاصة به، وكذلك ترجمة المناهج الدراسية للغة العربية، وإنشاء متحف علمي وأقسام علمية بالمعهد البيطري.

المسئوليات الدعوية:
- عضو مكتب إداري المحلة 75م.
- مسئول مكتب إداري المحلة 77م.
- مسئول تربية بالرابطة باليمن 82- 86م.
- عضو مكتب إداري بني سويف 86م.
- مسئول مكتب إداري بني سويف1990م.
- مسئول قسم التربية 94م.
- عضو مكتب إرشاد منذ عام 1996م (شمال وجنوب ثم شمال الصعيد ومشرف التربية والأشبال).
- عضو مكتب إرشاد عالمي ومشرف جهاز التربية 2007م.

الموقع في الجماعة:
- عضو مكتب الإرشاد منذ 1996م.
- عضو مكتب إرشاد عالمي منذ 2007م.

القضايا:
- القضية الأولى (عسكرية): سنة 1965م مع الأستاذ سيد قطب والإخوان، وحُكم عليه بـ15 عامًا، قَضى منها 9 سنوات، وخرج في 4/4/1974م، وعاد لعمله بجامعة أسيوط، ثم نُقل إلى جامعة الزقازيق، وسافر بعدها إلى اليمن، وعاد من هناك إلى جامعة بني سويف.

- القضية الثانية: السجن لمدة 75 يومًا في قضية جمعية الدعوة الإسلامية ببني سويف عام 1998م؛ حيث كان يشغل منصب رئيس مجلس إدارة جمعية الدعوة ببني سويف بعد اعتقال الحاج حسن جودة رحمه الله.

- القضية الثالثة (عسكرية): قضية النقابيين سنة 1999م؛ حيث حكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن خمس سنوات، قضى منها 3 سنوات وثلاثة أرباع السنة، وخرج بأول حكم بثلاثة أرباع المدة سنة 2003م.
- القضية الرابعة: أثناء انتخابات المحليات أبريل 2008م لمدة شهر.

الإنتاج الدعوي:
- مقالات وأحاديث على (إخوان أون لاين) وغيرها.
- وكتاب خواطر قرآنية يُنشر على حلقات في مجلة (المجتمع).
- مراجعة وتقديم كتاب مفهوم الدعوة.

وتمَّ إدراج اسم الدكتور محمد بديع ضمن أعظم 100 عالم عربي في الموسوعة العلمية العربية التي أصدرتها هيئة الاستعلامات المصرية 1999م.

صور المؤتمر العالمى لإعلان د. بديع مرشدا عاما





















































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































إعلان د. بديع مرشدًا عامًا ثامنًا للإخوان المسلمين


وسط حضور إعلامي مكثف؛ أعلن فضيلة الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد العام السابع للإخوان المسلمين اختيار فضيلة الدكتور محمد بديع سامي مرشدًا عامًا ثامنًا للجماعة.

وأكد الأستاذ- في كلمته التي ألقاها في المؤتمر الصحفي العالمي الذي عُقد ظهر اليوم لإعلان اسم المرشد الثامن- أن للإخوان المسلمين منهاجًا واضحًا للإصلاح ومراجعة مستمرة لمناهجهم ولوائحهم ومواقفِهم لتطويرِ آرائِهم حَسْب الجديدِ الذي يُواجهونه مِن المواقف والأفكارِ، في مرونة لا تُناقِض الثوابت ولا تَنْقُض المبادئَ التي اقتنعوا بها، وهم يدركون أنهم لَنْ يزالوا بخير ما قَبِلُوا النصيحة.

ودعا فضيلته الإخوان إلى التَّمَسُّك بدعوتِهم ومبادئِهم، والعضِّ عليها بالنواجذِ، وعدمِ التردُّدِ أو التراجعِ أمامَ هذا الاستهتارِ الظالمِ بحُريَّاتِهم، والحربِ الظالمةِ عليهم، والتضييقِ الباغي على أرزاقِهم، والتشويهِ الظالمِ لدعوتِهم ورموزِهم.


ومن جانبه، قال فضيلة الدكتور محمد بديع المرشد العام الثامن للإخوان المسلمين: "أتوجه بالشكر إلى أستاذنا وأخينا الكبير ومرشدنا الكريم الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد السابع للجماعة، الذي قاد السفينة وسط العواصف والأنواء، وتجاوز بها العقبات، ثم قدَّم هذا النموذج الفريد لكل القادة والمسئولين في الحكومات والهيئات والأحزاب بالوفاء بعهده، وتسليم القيادة بعد فترة واحدة، فتعجز كل كلمات اللغة عن التعبير عما في صدورنا من حب وتقدير لهذا المرشد، ولا نملك إلا أن نقول: جزاك الله خيرًا، وأثابك بفضله ثواب الصديقين".

وأشار فضيلته إلى أن الإخوان يؤمنون بالتدرج في الإصلاح، وأن ذلك لا يتم إلا بأسلوب سلمي ونضال دستوري قائم على الإقناع والحوار وعدم الإكراه؛ ولذلك فهم يرفضون العنف ويدينونه بكل أشكاله سواء من جانب الحكومات أو من جانب الأفراد، أو الجماعات أو المؤسسات.

وأكد أن الإخوان لم يكونوا في يوم من الأيام خصومًا للأنظمة الحاكمة، وإن كان بعضها دائم التضييق عليهم والمصادرة لأموالهم وأرزاقهم والاعتقال المستمر لأفرادهم، لكن الإخوان لا يترددون أبدًا في الكشف عن الفساد في كل المجالات، ولا يتأخرون في توجيه النصائح وتقديم المقترحات للخروج من الأزمات المتلاحقة التي تتعرض لها بلادنا، ويربون أبناء وبنات الأمة على الأخلاق والفضائل والنفع للغير، وهذا كله يصب في مصلحة الوطن والمواطنين ومؤسسات الدولة.

رسالتي إلى الإخوان المسلمين.. سبعة عقود في رحاب الإخوان المسلمين


الحمدُ للهِ الذي أَكْرمَ خَوَاصَّ عبادِه المؤمنينَ بالأُلْفَةِ في الدين، ووفَّقَهم لِحَمْل رسالةِ الإصلاحِ والخيرِ إلى العالمين، ووعدَهم التوفيقَ والنصرَ في الدنيا وحُسْنَ ثوابِ الآخرةِ يومَ الدين، وصلى اللهُ وسلَّم وباركَ على إمامِ المرسلين، وقُدْوةِ الدعاةِ المجاهدين، وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه الهُداةِ المصلحين، ومَنْ سار في طريقهم وسلك سبيلَهم إلى يوم الدين.

أما بعد؛ فهذه رسالةٌ استثنائيَّةٌ بكلِّ ما تحملُه الكلمةُ من مَعَانٍ؛ إذْ هي الرسالةُ الأخيرةُ التي أكتبُها من موقعِ المسئولية في هذه الجماعةِ المباركةِ؛ وفاءً لمبادئي، والتزامًا بما أعلنتُه منذ أن شرَّفني وكلَّفني الإخوانُ المسلمون بتحمُّل المسئوليةِ في الموقعِ الأوَّلِ لقيادةِ هذه الدعوةِ المنصورةِ بإذنِ الله، ليعلمَ القاصي والداني أنَّ الإخوانَ المسلمين لا يتلوَّنون ولا يتغيَّرون ولا يقولون إلا ما يفعلون.

حاجة العالم إلى دعوة الإخوان المسلمين
أيها الإخوانُ الأحباءُ، أشقاءَ الروحِ، ورفقاءَ الدرب، وشركاءَ الطموح والآمال، لقد كان مِنْ توفيقِ اللهِ لي منذ وقتٍ مبكرٍ في حياتي وقبل زُهَاء سبعين عامًا؛ أن عرَّفني بهذه الدعوةِ المباركةِ، وشرَّفني بلقاءِ مرشدِها ومؤسِّسِها الإمامِ الشهيدِ حسنِ البنا رحمه الله، وبصحبةِ رعيلِها الأوَّلِ من عظماءِ الرجالِ الذين عرفهم تاريخُنا الحديثُ من مصر وغيرها. ومِن تمامِ توفيقِه سبحانَه أن ثبَّتني عليها برغمِ كلِّ الضغوطِ والتَّحَدِّياتِ، وأسألُه سبحانه أن يختمَ لي بالموتِ عليها، حتى يجمَعَنِي برسولِه- صلى الله عليه وسلم- والدعاةِ مِنْ خلفِه يومَ اللقاء.

لقد أدركتُ بيقينٍ أنَّ هذه الدعوةَ هي حاجةُ مصرَ، بل حاجةُ العربِ، بل حاجةُ المسلمينَ، بل حاجةُ الدنيا بأَسْرِها؛ لما حَمَلتْه مِنْ مبادئَ جدَّدَتْ بها الإسلامَ العظيمَ، وكشفتْ روْعتَه، وصوَّبتْ فهمَ رسالتِهِ، باعتبارِها رسالةَ إصلاحٍ شاملٍ لكلِّ مَنَاحي الحياة، على حدِّ قوله تعالى ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)﴾ (الأنعام).

فبَعْدَ أن كان قد شاعَ خطأً أنَّ الإسلامَ مقصورٌ على ضُروبٍ من العباداتِ والرُّوحانيَّاتِ، جاءتْ دعوةُ الإخوانِ المسلمينَ لِتُعْلِنَ أنَّ الإسلامَ دينٌ شاملٌ، ينتظمُ شئونَ الحياة جميعًا، ويُفتي في كل شأنٍ منها، ويضعُ له نظامًا مُحكَمًا دقيقًا، ولا يقفُ مكتوفًا أمامَ المشكلاتِ الحيويَّة والنُّظُمِ التي لا بُدَّ منها لإِصلاحِ الناس، "فهو دولةٌ ووطنٌ أو حكومةٌ وأمةٌ، وهو خُلُقٌ وقوةٌ أو رحمةٌ وعدالةٌ، وهو ثقافةٌ وقانونٌ أو علمٌ وقضاءٌ، وهو مادةٌ وثروةٌ أو كسبٌ وغنىً، وهو جهادٌ ودعوةٌ أو جيشٌ وفكرةٌ، كما هو عقيدةٌ صادقةٌ وعبادةٌ صحيحةٌ، سواء بسواء".

وما أشدَّ حاجةَ العالمِ كلِّه إلى أن يفهمَ الإسلامَ على هذا النَّحْوِ العظيمِ، فعندئذٍ تتحقَّقُ آمالٌ كثيرةٌ، وتَنْمَحِي مفاسدُ عظيمةٌ، ويَحِلُّ على البشريةِ سلامٌ تامٌّ وأمنٌ مُطْمَئِنٌ، فيَا لَيْتَ قومي يعلمون!.

منهاج الإصلاح عند الإخوان
أدرك الإخوانُ أنَّ السبيلَ إلى تحقيقِ هذا الفهمِ الصحيحِ للإسلامِ في الواقعِ يبدأُ بإصلاحٍ يزيلُ مِنْ واقعِ الأمةِ الشعورَ الخامدَ والخُلُقَ الفاسدَ والشُّحَّ المقيمَ، فقصدوا أولاً إلى تربيةِ النفوسِ وتجديدِ الأرواحِ وتقويةِ الأخلاقِ وتنميةِ الرجولةِ الصحيحةِ في نفوسِ الأمة، وعلى هذا الأساس:
1- وُضع المنهاجُ العقديُّ للإخوانِ المسلمينَ، مُسْتخلَصًا مِنْ كتابِ الله وسُنَّةِ رسولِه- صلى الله عليه وسلم- الصحيحةِ، لا يَخْرُجُ عنهما قِيدَ شَعْرَةٍ، بما يجعلُ الإسلامَ حيًّا في أعصابِ المسلمِ، يقظًا في وعْيِهِ وضميرِهِ، مُوَجِّهًا لحركتِه وسلوكِه.
2- ووُضع المنهاجُ التربويُّ للإخوانِ، الذي يحققُ الالتزامَ الصحيحَ بكُلِّ عباداتِ الإسلامِ وشعائرِهِ؛ التي هي أقربُ السُّبُل إلى تزكيةِ النفوسِ وتطهيرِ الأرواح.
3- ووُضع المنهاجُ الثقافيُّ المتكاملُ، الذي يحقق الفهمَ الصحيحَ الوسطيَّ لحقائقِ الإسلامِ مِنْ غير إفراطٍ ولا تفريطٍ، ويَعْصِمُ مِنْ الخلْطِ والشَّطَطِ، ويُرسِي الأَساسَ السليمَ للوحدةِ العربيةِ والإسلاميةِ الجامعة.
4- ووُضع المنهاجُ العمليُّ، ليطبِّقَ الإخوانُ مبادئَ الإسلامِ وأخلاقَه في الواقعِ في تعاملاتِهم وسُلوكِهم ومجتمعاتِهم، وقدَّم الإخوانُ- حيث وُجدوا- نماذجَ رائدةً في كل مجالاتِ العملِ المِهَنِيِّ والاجتماعيِّ النافع.
5- ووُضع المنهاجُ الحركيُّ والسياسيُّ المُسْتَلْهَم من الإسلامِ، فدعا الإخوانُ ولا يزالونَ يَدْعُون إلى إصلاحٍ شاملٍ كاملٍ، تتعاونُ عليه قُوَى الأمةِ جميعًا بلا استثناءٍ ولا إقصاءٍ، ويشاركُ فيه الشعبُ والأمةُ بكلِّ فئاتِها، ويتناولُ كلَّ الأوضاعِ الفاسدةِ بالتغييرِ والتبديلِ، انطلاقًا مِنْ دينِ الأمة وهُوِّيَّتِها الثقافيةِ والحضاريةِ، وشاركوا وسوف يستمرون في المشاركةِ الفعَّالةِ والإيجابيةِ في كلِّ عملٍ أو تَجَمُّعٍ يَهْدِفُ إلى إعزازِ أمتِهم ووطنِهم في كل ميْدانٍ، على المستوى المحليِّ والعالمي.
6- ووُضع المنهاجُ الجهاديُّ الصحيحُ، الذي يُفَرِّق بين مجاهدةِ المحتلِّ للبلادِ عن طريقِ المقاومةِ المسلَّحةِ وبين المجاهدةِ السِّلْميَّة للأنظمةِ الوطنيةِ الفاسدةِ عن طريقِ النصحِ والتوجيهِ والإرشادِ وتصحيحِ المفاهيمِ والمشاركةِ في الأنشطةِ الاجتماعيةِ والاقتصاديةِ والسياسيةِ، بعيدًا عن العنفِ وحمْلِ السلاحِ ونشْرِ الفوضى في المجتمعات.
7- ووُضعت اللوائحُ التنظيميةُ، لاستكمالِ الهياكلِ، وإعدادِ الخُطَطِ، وتحديدِ الإستراتيجياتِ، واتخاذِ القراراتِ، وتطويرِ الآليَّاتِ، وضَبْطِ سَيْرِ العملِ، ومتابعةِ تحقيقِ الأهدافِ، ورصْدِ الأحداثِ والمتغيراتِ، وتصحيحِ الأخطاءِ، في ظلالٍ من الأُخُوَّةِ والمحبةِ والثِّقةِ والانضباط.

كلُّ ذلك والإخوانُ يُراجعون مناهِجَهم ولوائِحَهم حينًا بعْدَ حينٍ، فيستحدثون ما يُصَحِّحُ الخطأَ ويُقَوِّمُ المسيرةَ، ويسمعون لِنَاصِحِيهم ومُحِبِّيهم، كما يستفيدون مِنْ ناقِدِيهم وخصومِ دعوتِهم، ولا يَأْلُون جُهْدًا في مراجعةِ مواقِفِهم وتطويرِ آرائِهم حَسْبَ الجديدِ الذي يُواجهونه مِنَ المواقفِ والأفكارِ، في مُرُونةٍ لا تُناقِضُ الثوابتَ ولا تَنْقُضُ المبادئَ التي اقتنعوا بها، وهم يدركون أنهم لَنْ يزالوا بخيرٍ ما قَبِلُوا النصيحة، ورضيَ اللهُ عن أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الخطابِ الذي دعا لمَنْ دلَّه على عيبِهِ، فقال: "رَحِمَ اللهُ امْرءًا أَهْدَى إليَّ عُيُوبِي".

دعوة الإخوان هي دعوة الإنقاذ لأمتنا الحبيبة
لهذا لا جَرَمَ أن أقول: إنَّ في دعوةِ الإخوانِ المسلمينَ لو فَقِهَها الناسُ لَمُنقِذًا، وإنَّ في منهاجِهم الربَّانيِّ لو اتبعتْه الأمةُ لَنَجَاحًا، وإنَّ في جهودِهم لو أُعِينُوا عليها لأَمَلاً، وإنهم لَماضُون في طريقِهم لخدمةِ دينِهم وأمتِهم بإذنِ الله، لا يَضرُّهم مَنْ خَذَلَهم ولا مَنْ ناوَأَهُم، حتى يأذنَ اللهُ لأمتِهم وللدنيا أنْ تسعدَ بالخير الذي يحملون إليها، ولعلَّ من المناسب هنا أن أُذَكِّر قومَنا وأذكِّر المتحاملينَ على دعوتِنا، والمشكِّكينَ في مبادِئِنا ووطنيَّتِنا؛ بما تنطوي عليه نفوسُنا، وعبَّر عنه الإمامُ الشهيدُ حسنُ البنا في رسالة (دعوتُنا) حين قال:
"ونُحِبُّ أنْ يعلمَ قومُنا أنهم أحبُّ إلينا من أنفسِنا، وأنه حبيبٌ إلى هذه النفوسِ أن تذهبَ فِداءً لعزَّتِهم إن كان فيها الفِداءُ، وأن تُزْهَق ثمنًا لمجدِهم وكرامتِهم ودينِهم وآمالِهم إن كان فيها الغَنَاء، وما أَوْقَفَنا هذا الموقفَ منهم إلا هذه العاطفةُ التي استبدَّتْ بقلوبِنا، ومَلَكَتْ علينا مشاعرَنا، فأقضَّتْ مضاجِعَنا، وأسالتْ مدامِعَنا، وإنه لعزيزٌ علينا جِدُّ عزيزٍ أن نرى ما يُحيطُ بقومِنا، ثم نستسلمَ للذلِّ، أو نرضى بالهوانِ، أو نستكينَ لليأسِ، فنحن نعملُ للناسِ في سبيلِ الله أكثرَ مما نعملُ لأنفسِنا، فنحنُ لكم لا لغيركم أيها الأحبابُ، ولن نكونَ عليكم في يومٍ من الأيام.

ولَسْنَا نَمْتَنُّ بشيءٍ، ولا نرى لأنفسِنا في ذلك فضلاً، وإنما نعتقدُ قولَ الله تعالى ﴿بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ (الحجرات: من الآية 17).

وكم نتمنَّى- لَوْ تنفع الْمُنَى- أن تتفتَّحَ هذه القلوبُ على مَرْأى ومَسْمَعٍ من أمَّتِنا، فينظرَ إخوانُنا: هل يَرَوْنَ فيها إلا حُبَّ الخيرِ لهم والإشفاقَ عليهم والتفانيَ في صالِحِهم؟ وهل يَجِدون إلا ألمًا مُضْنِيًا من هذه الحالِ التي وصلْنا إليها؟ ولكنْ حسْبُنا أن اللهَ يعلمُ ذلك كلَّه، وهو وحدَهُ الكفيلُ بالتأييدِ الموفِّقُ للتسديد".

المستقبل لدعوة الحق التي يحملها الإخوان المسلمون
أيها الإخوان المسلمون، إنَّ المستقبلَ لجماعتِكم ولدعوتِكم ولدينِكم؛ لأسبابٍ واقعيةٍ كثيرة:
1- أولُها: وعدُ اللهِ للعاملينَ المخلصينَ لدينِه ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ (النور: من الآية 55)، ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ (41)﴾ (الحج)، واللهُ لا يُخْلِفُ الميعاد.
2- أنَّ المشروعَ الربانيَّ الإصلاحيَّ الحضاريَّ الذي تحملونه قد دلَّتْ كلُّ وقائعِ التاريخِ وحقائقِ العقلِ والواقعِ أنه الأنفعُ للبشريةِ والمنقذُ لها من التِّيه، ولذلك فهو يحملُ سِرَّ بقائِه؛ كائنةً ما كانت الظروفُ الإقليميةُ والدولية ﴿كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ﴾ (الرعد: من الآية 17).
3- أنَّ المشروعَ النَّهْضويَّ الإنقاذيَّ الذي تستمسكون به قد رُوِي بدماءٍ زكيةٍ من شهداءِ هذه الدعوة المباركة، بدءًا من الإمامِ الشهيدِ حسن البنا، والمجاهدِ الشهيدِ عزِّ الدين القسامِ، ومرورًا بدماءِ شهداءِ الدعوةِ في سجونِ الظلمِ والطغيان: محمد فرغلي، وعبدِ القادر عودة، ومحمد يوسف هواش، وإبراهيمَ الطيب، وهنداوي دوير، ومحمود عبد اللطيف، وسيد قطب، وعبد الفتاح إسماعيل، وكمال السنانيري، وعبد الله عزام، وغيرِهم من الشهداء، وانتهاءً بشهداءِ العزةِ في فلسطين الحبيبة: أحمد ياسين، والرنتيسي، وصلاحِ شحادة، وفتحي الشقاقي، ويحيى عياش، ونزار ريان، وسعيد صيام، وغيرِهم من أبطال الجهاد والمقاومة، فضلاً عن عشراتِ الآلافِ مِنَ الصابرينَ الصامدينَ الذين تعرَّضوا لأنواعِ الظلمِ في سجونِ الظلمِ والطغيان، أو تحت نِير الأَسْرِ في سجونِ الاحتلالِ، والذين سطَّروا أروعَ تاريخٍ لثباتِ الإخوانِ المسلمينَ، عَبْرَ عُقُودٍ من الجهادِ والدعوةِ في مصرَ وفلسطينَ وغيرِهما. وهذه دماءٌ وتضحياتٌ لَنْ تضيعَ بإذن الله، وقد رأيتُم بشائرَ ثمارِها من التفافِ الأمةِ حولَ دعوتِكم، وتأييدِها الجارفِ لمشروعِكم، حتى صارتْ دعوتُكم مِلْءَ السمعِ والبصر في عشراتِ الأقطارِ العربيةِ والإسلامية.
4- أنَّ دعوتَكم وجماعتَكم تضمُّ عددًا هائلاً من أرقى النُّخبِ والعناصرِ الفكريةِ والعلميةِ والأكاديميةِ والاقتصاديةِ والسياسيةِ والمهنيةِ الصادقةِ والمخلصةِ، قلَّ أنْ يتوفَّرَ على مثلِها- كمًّا أو نوعًا- أيُّ فصيلٍ آخرَ أو دعوةٍ أخرى في هذا العالم، رغمَ كلِّ الضغوطِ التي تمارسُها الأنظمةُ الفاسدةُ المتسلطةُ، وهذا يعني أنكم تملكون مفاتيحَ المستقبلِ بإذن الله.
5- أنَّ مشروعَكُم النَّهْضَوِيَّ الإصلاحيَّ يجمع بين الأصالةِ والمعاصرةِ، ويتَّصفُ بالمرونةِ الإيجابيةِ، فهو إذْ يحافظُ على المقدساتِ والثوابتِ الشرعيةِ لا يتردَّدُ في التجاوبِ معَ كلِّ جديدٍٍ من الأفكارِ النافعةِ والصالحةِ، وشعارُه حديثُ النبي- صلى الله عليه وسلم-: "الْكَلِمَةُ الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ، فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا" (الترمذي وابن ماجه). فنحنُ أيُّها الإخوانُ نطلبُ الحكمةَ ونبحثُ عنها بمنتهى الجِدِّ والصِّدْقِ كما يبحثُ الإنسانُ عن ضالَّتِهِ التي تاهتْ منه، فإذا وجدها كان أحرصَ الناسِ عليها، وكذلك الإخوانُ لا يُفَوِّتون شيئًا من الحقِّ فيه صلاحُ أمتِهم، ولا يتأخَّرون عن قَبُوِل الصوابِ والرجوعِ إليه والاستمساكِ به، وذلك من أهمِّ أسبابِ نجاحِهم وقُوَّتِهم.
6- أنَّ الذين اتخذوكم خصومًا من الأنظمةِ المستبدةِ والطُّغَمِ الفاسدةِ لا يقفون على أرضٍ صُلْبةٍ، ولا يمتلكون عناصرَ في مثلِ طُهْرِكم وسلامةِ صدورِكم ونظافةِ أيديكم، ولا يتمتَّعون بأي قبولٍ حقيقيٍّ لدى جماهيرِ الأمة، ولذلك فهم يَحْمُون بعصا الأمنِ كراسيَّهم وفسادَهم، ولا يملكون القدرةَ على مواجهتِكم في مَيْدَانِ الفكرِ والسياسةِ وخدمةِ الأمةِ، ولا حيلةَ لهم غيرُ اعتقالِكم، ومحاولةِ إرباكِ مشروعِكم، والحيلولةِ بينكم وبين جماهيرِ أمتِكم، والاستقواءِ بالأجنبيِّ عليكم وعلى الأمةِ، وبذلِ غايةِ الجُهْدِ في الإيقاعِ بينكم، وتشويهِ جهادِكم، وقد أثبتت الأيامُ أنَّ ذلك لا يزيدُ الإخوانَ إلا تَوَحُّدًا في صفوفِهم، وثباتًا على مبادئِهم، ومحبةً لدى شعوبِهم وأمتِهم، على حدِّ قول أبي الطَّيِّبِ المتنبِّي:
وإذا أتَتْكَ مَذَمّتي من ناقصٍ فَهْيَ الشَهادَةُ لي بأنيّ كامِلُ

7- أنَّ مشروعَ الإخوانِ المسلمينَ للنهضةِ والإصلاحِ يعملُ على تحريرِ الوطنِ العربيِّ والإسلاميِّ مِنْ كلِّ سلطانٍ أجنبيٍّ في كلِّ المجالاتِ الاقتصاديةِ والسياسيةِ والثقافيةِ والرُّوحيةِ، وتحريرِ الأرضِ العربيةِ والإسلاميةِ مِنْ رِبْقَةِ الاحتلالِ، لذلك فإنَّ مشروعَهم يقفُ ضدَّه المشروعُ الصهيو أمريكي الذي يتعلقُ به نفرٌ من بني جلدتنا اتخذوا من خصومةِ الإخوانِ وتشويهِ صورتِهم الناصعةِ ومحاربةِ المشروعِ الإسلاميِّ عنوانًا لهم، ومشروعُهم هذا يَفْقِدُ يومًا بعدَ يومٍ قُوَّتَه وسَطْوَتَه وأنصارَه، ويتآكلُ- بسببِ مواقفِه الخاطئةِ- في كلِّ يومٍ رصيدُه الجماهيريُّ والشعبيُّ لصالحِ مشروعِكم الإسلاميِّ الحضاريِّ الذي يلقى إقبالاً متزايدًا وتأييدًا جارفًا مِنَ الشعوبِ الحرةِ الشريفةِ، وبِخاصَّةٍ شبابُها الناهضُ ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88)﴾ (ص).

إلى العمل الدءوب أيها الإخوان
لهذا أدعوكم أيها الإخوانُ المسلمونَ إلى التَّمَسُّكِ بدعوتِكم ومبادئِكم، والعضِّ عليها بالنواجذِ، وعدمِ التردُّدِ أو التراجعِ أمامَ هذا الاستهتارِ الظالمِ بحُريَّاتِكم، والحربِ الظالمةِ عليكم، والتضييقِ الباغي على أرزاقِكم، والتشويهِ الظالمِ لدعوتِكم ورموزِكم، فتلك ضريبةُ السَّيْرِ في طريقِ الإصلاحِ، وعُرْبُونُ النصرِ القريبِ القادمِ على الظلمِ والظالمينَ بإذن الله ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)﴾ (آل عمران).

فاقتحموا المستقبلَ بما لديْكم من إيمانٍ عميقٍ، وطاقاتٍ رُوحيَّةٍ وماديَّةٍ ومعنويَّةٍ عظيمةٍ، وبما تملكون من عناصرَ مباركةٍ من رجالٍ ونساءٍ وشبابٍ وفتياتٍ، اجتمعوا على الحبِّ في الله، والأُخُوَّةِ على الإسلام، والثقةِ في المنهاجِ الحكيمِ، لا يعرفون اليأسَ، ولا يُقِيمون على الضَّيْمِ، ولا يتأخَّرون عن التضحيةِ في سبيلِ دينِهم وأمَّتِهم.

وإذْ أعلنُ لكم وللدنيا عن عزمي تحقيقَ ما وعدتُ به من إخلاءِ موقعِ القيادةِ لدماءٍ جديدةٍ، فإنَّني على ثقةٍ من أنَّ الجماعةَ التي تضمُّ هذه الطاقاتِ والخِبْراتِ لجديرةٌ بتحقيقِ الآمالِ واختيارِ أفضلِ العناصرِ بإذنِ الله، فلا تهابوا التغييرَ، ففيه بركةٌ عظيمةٌ، وإيَّاكم والإلْفَ أو التوقفَ عن تجديدِ الدماء؛ فإنَّ ذلك يُعطِّلُ الطاقاتِ، ويؤخِّرُ الوصولَ إلى الغايات.

وأما إخوانُنا الأحباءُ المغيَّبونَ خلفَ أسوارِ البغْيِ والظلمِ، في محاكماتٍ عسكريةٍ ظالمةٍ، أو في اعتقالاتٍ همجيةٍ آثمةٍ، أو في قضايا ملفقةٍ واهيةٍ، فإنني أقدم لهم خالصَ التحية وعظيمَ التقدير على صبرِهم وثباتِهم، كما أُقدِّم التحيةَ لآبائِهم وأمهاتِهم وزوجاتِهم وأولادِهم.. وأسأل الله لهم فرجًا عاجلاً، ولدعوتِهم فتحًا قريبًا.

إلى القوى الإسلاميةِ والقوميةِ والوطنيةِ في الأمة
إنَّ الإخوانَ المسلمينَ يدركون تمامَ الإدراكِ أنهم لا يُمكنُهم وحدَهم تحقيقُ أملِ الأمةِ في النهضةِ والإصلاحِ، ولا يَرَوْنَ أنفسَهم إلا فصيلاً مهمًّا وكبيرًا ومخلصًا من فصائلِ الأمةِ وقُواها الحيةِ، وأنَّ النجاحَ إنما يتِمُّ بتضافُرِ الجهودِ وتآزُرِ القُوَى، ومِنْ ثَمَّ فإنهم ما فَتِئُوا يَمُدُّون أيديَهم لكلِّ المخلصينَ والشرفاءِ من كافةِ التياراتِ والتوجُّهاتِ الحزبيةِ والسياسيةِ والفكريةِ للمشاركةِ والتعاونِ في العملِ لصالحِ الأمةِ، وإنَّ بينَ المخلصينَ من كافةِ التياراتِ وبين الإخوانِ لَكَثِيرًا من المشتركاتِ التي تنتظرُ شَدَّ اليدِ باليد وضَمَّ الجُهْدِ إلى الجُهْدِ، لما فيه الخيرُ والنفعُ للجميع، وإنا لفاعلون، فهل أنتم فاعلون؟.

ودَعُوني أُكَرِّرْ مضمونَ ما قاله الإخوانُ باستمرار: نحنُ الإخوانَ المسلمينَ لا نعملُ إطلاقًا على إقصاءِ أحدٍ أو تهميشِ دَوْرِهِ، ونرفضُ بكلِّ قوةٍ أن يعملَ الآخَرونَ على إقصائِنا أو تهميشِنا، ونرى بمنتهى الصدقِ والإخلاصِ أنَّ الوطنَ العزيزَ الذي نركبُ سفينتَه جميعًا في حاجةٍ إلى جهودِ الجميعِ برُؤاهم المتنوعةِ لإنقاذِ هذه السفينةِ التي تحملُنا جميعًا من الغرق، في ظلِّ ديمقراطيةٍ سليمةٍ وشورى حكيمةٍ، تُرْسِي مبدأَ المشاركةِ بين أبناءِ الوطنِ؛ لا مبدأَ المغالبةِ والإقصاءِ لأحدٍ، أو على حسابِ أحد.

وأما أولئك الذين يُصِرُّون على خصومتِنا، ويَأْبَوْن إلا الاعتداءَ والافتراءَ علينا والنظرَ إلينا بعين الشكِّ والرِّيبة، أو بعين الاستكبار والعُلُوّ، فلا نملك إلا أن نقول لهم ﴿لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ (القصص: من الآية 55)، وندعو لهم بما دعا به النبي- صلى الله عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ" (متفق عليه).

شكر وتقدير
لقد حملتُ مسئوليةَ قيادةِ هذه الجماعةِ المباركةِ ستَّ سنواتٍ، ازدحمتْ بالأحداثِ والأعمالِ، وكان إلى جانبي ثُلَّةٌ كريمةٌ من خِيارِ الإخوانِ من أعضاءِ مكتبِ الإرشادِ، كانوا نِعْمَ العونُ والسندُ لي ولهذه الدعوةِ المباركةِ، منهم مَنْ قضى نَحْبَه، نسأل اللهُ أن يتغمَّدهم برحمتِه، ومنهم مَنْ غيَّبَتْه يدُ الظلمِ خلفَ الأسوارِ، ومنهم مَنْ تعرَّض للبطشِ والتنكيلِ والاعتقالِ المتكرِّرِ، فما وَهَنُوا وما ضَعُفُوا وما استكانوا، وما تردَّدوا في القيامِ بالواجبِ، والتضحيةِ بالأوقاتِ والراحاتِ والأنفسِ، فلهم من الله عظيمُ الأجر والمثوبة، ولهم مني خالصُ الشكر والتقدير، وأسأل الله أن يزيدهم توفيقًا لما فيه خيرُ الدعوة وخيرُ الأمة.

كما أتقدمُ بخالصِ شكري وتقديري لإخواني الكرامِ مسئولي الجماعةِ في الداخلِ والخارجِ، القابضينَ على دينِهم، الثابتينَ على دعوتِهم، القائمينَ برسالتِهم، وأسألُ اللهَ أن يجزيَهم عن الدعوةِ وأهلِها خيرَ الجزاء.

وفي النهايةِ فكلُّ بشرٍ تحصلُ منه الهَنَاتُ والزَّلاتُ، ولستُ بدعًا من البشرِ في ذلك، وكلُّ بني آدمَ خَطَّاء، وخيرُ الخطائين التوَّابون، وأسألُ اللهَ أن يقبلَ عملي، ويغفرَ زَلَلي، وأنْ يختمَ لي بخيرِ ما يختمُ لعبادِه الصالحين، وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله رب العالمين، والله أكبر ولله الحمد، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محمد مهدي عاكف
المرشد العام للإخوان المسلمين

الجمعة، يناير ٠٨، ٢٠١٠

لا للجدار الفولاذى بمؤتمر إخوان الشرقية




نظمت لجنة الحريات بنقابة الأطباء بالشرقية مؤتمراً جماهيرياً حاشداً شارك فيه نحو 5 آلاف مواطن ومواطنة من أبناء محافظة الشرقية احتجاجاً علي الحصار الخانق الذي يفرضه النظام المصري على أهالي غزة وفلسطين، واحتجاجاً علي بناء جدار فولاذي يحكم الحصار حول أهل غزة، حضر المؤتمر لفيف من الشخصيات العامة وقيادات الإخوان المسلمين علي رأسهم أ.د محمد مرسي عضو مكتب الإرشاد، الحاج عبد العزيز عبد القادر - نائب مسئول المكتب الإداري للإخوان المسلمين- ، أ.د. عبد الله أبو هاشم - أستاذ أمراض القلب - ، د. فريد إسماعيل - عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين - ، أ.د. إسماعيل علي – أستاذ بجامعة الأزهر.



افتتح أ.د عبد الله أبو هاشم المؤتمر بسرد وقائع الأحداث الجارية وما يفعله النظام المصري من بناء الجدار ومنع وصول القوافل إلي غزة ، كذلك الاعتداء علي النشطاء الأجانب، وختم كلمته بأن قدم تهانيه للإخوة المسيحيين في عيدهم ، كما شكر أهل غزة علي ثباتهم وتحملهم الأذى من أجل رفع راية هذا الدين.



وفي كلمته أكد الدكتور فريد إسماعيل - عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين - أن هذا العمل المنظم يتحرك فيه أعداء الله من دولة لأخرى من أجل تحقيق أهدافهم وعلي رأسها وقف الزحف الإسلامي، والقضية الفلسطينية في القلب من هذه الأحداث.



وأشار إسماعيل أن بلادنا تكتوي بترزية القوانين فضلا عن ترزية تحديد مفهوم الأمن القومي، ذلك الأمن الذي يمتد من السودان في الجنوب وحتى أواسط آسيا ، لكن لدينا من يفسر الأمن القومي وفق الهوى الصهيوني، وأكد علي أن التاريخ يوضح بقوة أن مصر حافظت علي هويتها وأمنها القومي حينما فهمته من منظوره الإسلامي ، ثم سرد إسماعيل بعضا من التاريخ الذي يؤكد حديثه حول الأمن القومي لمصر .



وأضاف إسماعيل أن هناك دوراً إيجابياً لعبته الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين ضد تخاذل نواب الحزب الحاكم ودفاعهم عن بناء جدار الفصل العنصري بين مصر وغزة ، وأشار إلي أن ما يفعله نواب النظام هو ظلم لأنفسهم قبل الشعب.



أما أ.د إسماعيل علي الأستاذ بجامعة الأزهر أكد علي أن هذا الكون هو مملكة الله ، وأن ما يحدث له سياق يجب أن يوضع فيه ، هذا السابق هو إسلامية القضية ، هذا السياق الذي يراد له أن يمحى وتتحول القضية إلي قضية قومية أو إقليمية ، وأضاف أن القضية ليست صراع حدود ولكنها صراع وجود.



وردد جموع الحاضرين هتافات تندد بالحصار الخانق حول غزة منها " لا اله إلا الله ، طفل في غزة بيصرخ آه" ،اشهد يازمان اشهد يازمان علي ظلم بني الانسان "، " خيبر خيبر يا يهود جيش محمد بدأ يعود" وردد الحاضرون هتاف " درنا يا مصر في الاعمار .. مش في بناء الجدار" " لا اله إلا الله الصهيوني عدو الله"



واستأنف علي حديثه أن الصراع بيننا وبين الصهاينة يحتاج منا إلي وقفه ، فالعدو يضع القضية في إطار الدين ، وما يفعله النظام يخرجها من سياقها الطبيعي، فهم يعتبر و ناي يهودي لا يهاجر إلي فلسطين مخالف لأحكام التوراه . وأشار إلي أن الواقع الذي يفرضه النظام يريد أن يجنبنا عنصر الدين من القضية.



وسرد د.علي بعضاً من نصوص اليهود الذي يؤكدون فيه تحليلهم من وعودهم وعهودهم التي قطعوها مع غير اليهود ، مع تكفل الحاخام يغفر ذنوب من يفعل غير ذلك ، وحللوا دماء وأموال الأميين أي غير اليهود .



وفي مداخلة هاتفية مع الدكتور عزيز دويك – رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني - أكد أن الامام الشهيد حسن البنا هو أول من اهتم بالقضية الفلسطينية ، وأن الإخوان هم خط دفاع عن القضية ، ووجه حديثه قائلا " أيها المسلمون الموحدون يا من تحاولون رفع الظلم عن إخوانكم وأهلكم في غزة ، نقول لكم لن نتخلى ولن نتنازل ولن نساوم ".



وطرح رؤية شرعية لرفض الجدار مستشهدا بقوله تعالي " لا يقاتلونكم جميعا إلا في قري محصنة أو من وراء جدر تحسبهم جميعا وقلوبهم شتي " فلم يبن جدار في العالم إلا كان جدارا للظلم .



وأضاف متسائلا أين الضمائر الحية ، أين هم من الشيوخ والأطفال والنساء ، واستشهد بقوله " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها" ، وتوجه بالشكر للحاضرين وهذا التكاتف الذي يجسد وحدة الشعوب والامة حول قضية واحدة . وأكد أن الغمة ستزول وأنه ستخرج من كل بيت حسن البنا يرفع الراية حتي النصر.



وردد الحاضرون هتافات " حسن البنا والاخوان أم الأمة في كل مكان" و" أهل غزة بيشكوا حصار ومصر ياناس بتني جدار" .



وفي كلمة أ.د. محمد مرسي - عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين- أكد أن النظام العربي بأهدابه لم ولن تنجح فيما تسعي إليه ، ولا نريد أن ننسي الدور الأوروبي والسوفيتي والأمركي في التمكين للصهاينة من أرض فلسطين ، جميعهم اتفقوا علي المسلمين.



وأشار د.مرسي إلي أن غزة أصبحت رمزاً لهذا المشروع الإسلامي الضخم بصمودهم وصبرهم وثباتهم ومقاومتهم،كما كان المقاومون والمجاهدون هو اللاعب الأساسي في حرب فلسطين 48 ، وحوصر المجاهدون ووضعوا في السجون ، من ساعتها وهم في رعب من عودتهم للجهاد،وقد عادوا بحماس.



وأشار إلي ما تناوله كتاب السلطة عن أن حماس هي عدونا ، وتساءل مرسي عن باقي الحدود التي يخترقها الصهاينة ليل نهار بدون تأشيرة ولهم الحق في تجديد البقاء حسب هواهم ، في نفس الوقت الذي يحاصر فيه الصهاينة إخوتنا في غزة.



وشدد مرسي علي ضرورة احترام الدولة لعقل شعبها ،قائلا نحن نعرف من عدونا الحقيقي ، حماس التي تقاوم من أجل الكرامة والبقاء ، أم الصهاينة ، والأمريكان . كلنا نعلم أن الامريكان هم من ساعد الصهاينة في حربهم ضد أبناء مصر في 73 بنص كلام أنور السادات رحمه الله.



وأضاف أن المقاومة تضع حكام العرب والمسلمين علي طاولة المفاوضات ، المقاومة هي التي أوجدت لهم صوت بين الدول ، وأكمل أن الواقع أن أهل غزة وأهل فلسطين يقاومون ، ولم ننس المعاهدات والمفاوضات وما إلي ذلك وأقول ولا حل لهذه القضية علي الإطلاق إلا بالمقاومة.



وأختتم المؤتمر بالتوصيات التي شددت على ضرورة وقف بناء الجدار الفولاذي الظالم وفتح الحدود أمام قوافل الإغاثة الدولية والعربية .