الجزارة الدولية لتقسيم السودان

الجزارة الدولية لتقسيم السودان

الأخبار

الأربعاء، يناير ١٩، ٢٠١١

الجيش الليبي.. مجاميع عاطلة وميزانية مهدرة



عبر تجارب مستعادة ودروس مستفادة أثبتت الجيوش التي تمشي على بطونها بمعنى أنها تحتاج كي تؤدي مهامها إلى التموين والمداد قدر احتياجها إلى العتاد بأنها كثيرا ما تتحول إلى عبء ثقيل على بلدانها عندما تصبح مجاميع عاطلة تستنزف الموارد الاقتصادية من مرتبات ونفقات ومعسكرات وتجهيزات دون أن تقدم بالمقابل سوى الروتين والانتظار الممل الذي يتحول مع الوقت إلى خمول وكسل وتعطل الكثير من الموارد البشرية القادرة على العمل والإنتاج والتطور الذاتي والوطني.
ولهذا يشهد العالم تماشيا مع هذه المعطيات التي لا يمكن تجاهلها موجة من تخفيض إعداد الجيوش المحترفة المتفرغة تقوم بها الدول بهدف تخفيف أعبائها وتطوير أدائها كما تتخلى تلك الدول تباعا عن أسلوب التجنيد الإجباري وما يسمى الخدمة الوطنية وخدمة العلم واتباع أسلوب الرغبة في الالتحاق بالجيش في تخصصاته المختلفة والتطوع الاختياري الذي يتيح تطبيق الشروط والمواصفات واختيار أفضل العناصر القادرة جسديا والمؤهلة علميا ليصبحوا ضباطا وجنودا في وحدات قتالية فاعلة تؤدي مهامها بنجاح.
جيش قوامه 130 ألف!!
تفعل ذلك حتى الدول الكبيرة مثل الولايات المتحدة الامريكية ذات التطلعات والممارسات الامبراطورية التوسعية. أما في بلادنا ليبيا فيحدث العكس حيث يزيد عدد المتفرغين للعمل في القوات المسلحة عن حاجات الدول ولا يتناسب إطلاقا مع سياستها الدفاعية ولا متطلباتها الامنية حيث تبلغ نسبة المنتمين إلى الجيش الليبي نحو 2% (أكثر من 130 ألف) من إجمالي عدد السكان ونحو 10% من القوى الفتية القادرة على العمل من الذكور وهذه من أعلى النسب في العالم وفق معيار التفرغ التام وليس خافيا الاثر السيئ لهذه الزيادة على الاقتصاد الوطني وقوة العمل المطلوب وجودها وانسيابها في قنواته وشرايينه.
وترتبط بمشكلة ارتفاع أعداد منتسبي القوات المسلحة الليبية من الجنود والرقباء والضباط مشاكل اخرى ذات طابع تقني وإداري من حيث كفاءة الأداء والقدرة على استيعاب تقنيات الحرب الحديثة والمتطورة باستمرار خاصية الحرب المتعلقة باستخدام التقنيات الإلكترونية المتقدمة وهو ما يزيده صعوبة نقص المخصصات المالية المخصصة للتدريب والتطوير والتجهيز لحساب مخصصات المرتبات والخدمات وكذلك تفاوت القدرة الاستيعابية بين العاملين تحت السلاح لتفاوت الخلفيات العلمية والمعرفية.
آلاف الهكتارات الضائعة
لقد استحوذت القوات المسلحة على آلاف الهكتارات حولتها على معسكرات وثكنات رغم عدم الحاجة إلى كثير منها لتتحول بعد ذلك وبفعل الفوضى والمحسوبية إلى مصادر ثراء لكثير من المتاجرين والحذاق حيث تصرفوا في الأصول والأراضي وفتحوا مسارات ودروب جديدة للفساد كان يجب أن يكون الجيش الوطني بعيدا عنها لو لا سيطرة الثقافة الانتهازية النفعية وتحويل الثراء إلى هدف وغاية في ظل اندحار قيم الولاء والتضحية امام زحف منطق المنفعة والغنيمة.
عقيدة الجيش؟
فتحت أي عقيدة يمكن ان يدافع هذا الجيش عن الوطن ويؤدي مهامه وواجباته المقدسة ويقدم الشهداء فداء للأرض وحماية للشرعية والاستقرار وهو يرى الكثير من قياداته التي كانت مضرب مثل في النزاهة والنظافة والاحترافية العالية تتحول إلى أصحاب اموال وكنوز وممتلكات واحتكارات ومن سيدرب هذا الجيش ويطور اداءه ومهاراته إذا كان كثير من ضباطه تجاوزوا السن التي تسمح لهم بالتعلم والاستيعاب والتطور كما ترهلوا وفقدوا لياقتهم بفعل البذخ وحياة الراحة.

مليارات ضائعة!
أكثر من 50 مليار دينار تم إنفاقها من الدخل الوطني وثروة المجتمع على القوات المسلحة وهو رقم ضخم يزيد ويكبر كل يوم. وللشعب أن يسأل ماذا كانت النتيجة وهل لنا أن نطمئن على جاهزية قواتنا المسلحة وقدرتها؟ وهل يمكن للجنة العامة المؤقتة للدفاع ان تضع الاستراتيجيات وترسم الخطط اللازمة للدفاع عن ليبيا وحمايتها أخذا بالعلوم الحديثة ووعيا بمعطيات الجغرافيا السياسية وحقائق الواقع ومتغيرات السياسة الدولية.
إن هذا الأمر ومع كامل الاحترام لأمين اللجنة العامة المؤقتة للدفاع وسائر الضباط الأحرار والقيادات العسكرية هو موضع شك وتساؤل وخشية فلن يستطيع المؤقت ان يخطط ويقود ويتطور حتى وان بقي مؤقتا ثلاثين عاما دون أن يجد صيغة حقيقية للاستقرار والديمومة وهذا ليس عيبا ففي كل دول العالم وزارات للدفاع أو للحرب وفي ليبيا الجماهيرية يجب أن توجد لجنة شعبية للدفاع الذي تتولى حقيبته عادة شخصيات سياسية مدنية وطنية محترمة.
لا نريد لقواتنا المسلحة ان تبقى مزدحمة العدد بلا طائل، مؤقتة القيادة بلا استقرار، موصومة بمظاهر وممارسات غير مشروعة مثل ما سبق ومارس المنحرفون من سرقة ونهب لأموال ومخصصات الأسرى والمفقودين والشهداء ولا ان تُستنزف موارد الاقتصاد ولا تنشر بواباتها وقبعاتها الحمراء على الطرق وفي المنافذ ولا ان تستمر في التجنيد الإلزامي فلا بد أن نواكب العالم كي نتقدم.

ليست هناك تعليقات: